تحول مفاجئ في البحر الأحمر: أوروبا تُنزل البوارج وترفع راية "الإنقاذ"

في خطوة تعكس تغييرًا جذريًا في الحسابات الأوروبية، أعلن الاتحاد الأوروبي استبدال سفنه الحربية في البحر الأحمر بسفن إنقاذ، في تحوّل يُقرأ على أنه اعتراف ضمني بفشل الخيارات العسكرية، وتراجع عن سياسة "استعراض القوة" التي طبعتها أوروبا على سواحل اليمن منذ أكثر من عام.
ففي إعلان هو الأول من نوعه منذ تأسيس بعثة المراقبة البحرية الأوروبية في فبراير 2024، كشفت اليونان، الدولة المضيفة للبعثة، عن إرسال سفينة إنقاذ جديدة إلى البحر الأحمر، تحمل اسم "جاينت"، مزوّدة بمحركات قوية وطاقم مكوّن من 14 بحّارًا، ومعدة للعمل في أصعب الظروف البحرية.
السفينة الجديدة، بحسب البيان الأوروبي، لن تكون مقاتلة، بل مهمتها "دعم الطواقم وتأمين عبور السفن التجارية"، ما يعني تغييرًا صريحًا في المهمة من الردع إلى الإنقاذ.
من البوارج إلى قوارب الإسعاف:
هذا التحول جاء بعد سلسلة هجمات بحرية نوعية نفذتها القوات اليمنية خلال الأسابيع الماضية، كان أبرزها إغراق سفينتي شحن تتبع شركات يونانية، بعد خرقهما قرار حظر الملاحة إلى الموانئ الإسرائيلية.
تلك العمليات، التي عدّها مراقبون نقطة تحول استراتيجية، أظهرت عجز التحالف الغربي عن تأمين ممر الملاحة الدولي، رغم وجود بوارج وسفن حربية أوروبية وأمريكية ضخمة في المنطقة.
رسائل من تحت الماء:
قرار الاتحاد الأوروبي إرسال سفينة إنقاذ بدلاً من سفينة حربية لم يأتِ من فراغ. فبحسب متابعين، يحمل التوقيت دلالة على اقتناع أوروبي باستحالة الحسم العسكري في البحر الأحمر، خصوصًا بعد فشل البعثة في إنقاذ طاقم سفينة "إيترنتي سي"، التي تعرضت لهجوم سابق وأغرقت دون تدخل فعّال.
ويُنظر إلى التحول الأوروبي أيضًا كنوع من "خفض التصعيد"، ومحاولة للحفاظ على ماء الوجه بعد أشهر من الفشل العسكري، مع تفاقم الكلفة السياسية والاقتصادية لعملياتهم في المياه اليمنية.
من الدفاع إلى الاحتواء:
الرسالة الأوروبية الجديدة واضحة: أمن الطواقم أولًا، وليس الهيمنة على البحر. وهو تحول قد يُمهّد لتغييرات أكبر في سياسة الاتحاد تجاه الحرب في اليمن، وربما يعكس تصدعًا في الموقف الغربي من دعم إسرائيل في حربها المفتوحة في غزة والمحيط الإقليمي.
في كل الأحوال، أوروبا لم تسحب سفنها بالكامل، لكنها نزعت عنها الطابع العسكري، وارتدت قناع الإغاثة.. وربما هذه المرة، مجبرة لا بطلة.