أخبار اليمن

أسرار أزمة الريال اليمني.. كيف تخطط لمواجهتها؟

أسرار أزمة الريال اليمني.. كيف تخطط لمواجهتها؟

 

د.باسم المذحجي.*

إنها أزمة سيادة ،و دعوني أتوقف عند هذه الجزئية، فلو فرضنا مواطن يمني يريد إرسال 400دولار من عدن الى القاهرة عبر موني جرام Money Gram، أو ويستورن يونيون Western Union، فإن العمولة لاتتجاوز 29دولارًا أمريكيًا ،وبالتالي العمولة ،ونسبة هامش الربح يساوي 7.25%،  ولو أغمضنا عين ،وفتحنا الأخرى على مواطن يمني آخر  يرسل نفس الأموال من عدن الى صنعاء فستُصاب بالذهول، ويُغمى عليك.

تحويلات الريال اليمني من مناطق العاصمة المؤقتة عدن، ومنها الى مناطق سلطة الأمر الواقع في صنعاء، تتخللها قنوات نهب قديمة/ جديدة ،كانت ومازالت عبر  البنوك التجارية،  و/ أو مكاتب البريد اليمني ، و/ أو شركات الصرافة البارزة في مجال تحويل الأموال.

البارحة، في أحدث تقرير كشف خبير اقتصادي بأن إجمالي أرباح عملية تحويل وحيدة من عدن الى صنعاء يتجاوز 300%، حيث وثّق عملية تحويل بنكية عبر تطبيق بنك ××××× بقيمة 112,000 ريال، مقابل عمولة صادمة بلغت 325,687 ريالًا، أي ما يفوق مبلغ الحوالة بثلاثة أضعاف، معتبرًا هذه الأرقام دليلاً واضحًا على ما سماه "جريمة مالية منظمة"، تنفذ تحت مظلة النظام المصرفي نفسه.

بإرسال استعلام الى البنك اليمني المعني بالتحويل عبر الخط الساخن للبنك،  كان رد موظف خدمة العملاء، هذا المبلغ ليس عمولة، وإنما فارق صرف العملة بين صنعاء وعدن، وبأنه فرع البنك في عدن يتعامل مع فرع البنك في صنعاء بالعملة الأجنبية  ( ريال سعودي أو دولار أمريكي)، وليس بالريال اليمني، ونواجه صعوبة نقل السيولة وضرائب تفرص علينا . والكل يعلم بأننا نحن نتعامل كأننا بدولتين منفصلتين، ولكل واحدة منهما عملة مختلفة، وهذا لا يظهر فقط في عمولات تحويل الأموال، بل في أسعار كل شيء سواء مواد غذائية ،أو ذهب.

 

 

-الرأي الاستراتيجي:

في المجمل لدينا حقيقة مسلم بها، مفادها بأن الفقراء  يتحملون تبعات استثمار مزودي خدمات التحويل لأزمة سيادية_ تبدأ بقرارات البنوك المركزية المتحاربة_ وتنتهي بممارسة احتيال منظم لنهب الأموال لزيادة عائد شركات الصرافة، والتربح، تتجاوز كلفة الإيجار، ومنظومة طاقة شمسية ،وخدمات الإنترنت الشبكي بالستالايت.

-هل بدأنا العد العكسي لوأد قنوات النهب الجديدة للريال اليمني؟ ( نعم ) ،وسيتم ذلك بأن يشرف البنك المركزي اليمني فرع عدن على عقود الشراكة مع شركتي ويستورن يونيونWestern Union، وموني جرامMoney Gram العالميتين في عدن وصنعاء، وبالتالي التحكم في سقف عمولات التحويل بين صنعاء وعدن.

السيادة تعني بأن البنك المركزي اليمني فرع عدن مُلزم بالضرب بيد من حديد، لا تبدأ بسُبل تأمين نشاط القطاع المصرفي، ولاتنتهي بتقديم لوائح وتشريعات تُقنن رسوم نطاق التحويل، ونطاق التسليم.

 

-الخطة الاستراتيجية:

أولًا: بما أن شركات كبيرة تسيطر على تحويلات الأموال ، ونحتاج إيجاد طرق بديلة تخفف العبء عن المواطنين وبالذات متوسطي الدخل، في ظل الأزمات المتلاحقة للريال اليمني، فمسار التفاوض الودي، وخفض رسوم التحويل يظل مطروح.

ثانيًا: أن يحول البنك المركزي اليمني فرع عدن عمليات التعاقد لشركتي موني جرام Money Gramو ويستورن يونيون Western Union عبر  البنوك اليمنية التي مقرها في عدن، ويُشرف إشراف مباشر على رسوم، وسقف عمولات التحويل و  العمليات المالية.

ثالثًا: مسار آخر استراتيجي بخلق البديل المنافس، المسمى منصة الحوالات العكسية لمن لايملكون حسابات بنكية، و التحويل عبر شبكة المحافظ الإليكترونية لمن يملكون.

 

الحلول المقترحة:

( 1 ) البنوك والمنشآت المتعاقدة مع الحكومة:

تلُزم بعملية تحويل من عدن الى صنعاء بدون عمولة لمرة وحيدة في الشهر، لكل مواطن يمني مشمول بكشوفات التعاقد، شرط أن  لايزيد المبلغ عن مبلغ الراتب الذي يستلمه.

 

( 2 ) من يملكون حسابات بنكية:

يقوم المواطن في عدن، بإيداع الأموال الى حساب عميل البنك بصنعاء "بعملة أجنبية"،  بدون عمولة، شرط أن لايتجاوز مبلغ الإيداع 200$ للشهر الواحد .مصرح عملية مجانية وحيدة.

 

( 3 ) من لايملكون حسابات بنكية:

يسمح لهم بعملية تحويل مجاني خلال الشهر إذا أثبت غرض التحويل ( قريب من الدرجة الأولى) سقف التحويل 100$.

 

(4) تقنين الإنترنت المصرفي وضوابط الدفع اللحظي:

وكما تعلمون فهو عبارة عن تطبيق يتيح لك الوصول المباشر إلى جميع حساباتك البنكية، وتحويل الأموال لحظياً( 24/7 )من خلال الهاتف المحمول. وبات ضروري إصدر البنك المركزي فرع عدن تشريع يضبط حدود الاستخدام، ورسوم التحويل ،بحيث لاتتجاوز 10% ، وحد أدنى. وحد أقصى للتعاملات عبر الإنترنت المصرفي.

يُعتبَر التحويل الإلكتروني ،و منصة التحويل العكسي التي سيتم استحداثها الخيار الأنجع ، والأسهل لتنفيذ المعاملات المالية،لكنه يتطلب لتنفيذ التحويل الإلكتروني وجود محفظة رقمية، تسمح بإرسال الأموال منها.

 

*باحث استراتيجي يمني/ معلومات ووثائق.

إدارة مخاطر استراتيجية.

دكتوراه في النوع والتنمية.

اقرأ أيضاً

زر الذهاب إلى الأعلى